دخلت المنزل بعد يوم عمل طويل، ووجدت ابني الصغير يتصفح على اللابتوب، التفت إليّ بلهفة سائلاً: بابا هل ستنتهي الهواتف الذكية يوماً من الأيام؟ جلست أنظر إليه طويلاً فقد أثارني ذكاء السؤال، والإجابة التي جاءتني بسرعة.. نعم يا حبيبي كل شيء له نهاية.. والله أعلم.. أراد المزيد ولكن.. انصرفت عنه أتفكر.
في طريق بحثي المستمر، قرأت الكثير عن انتهاء عصر الهواتف الذكية. وفي ذلك الوقت ستختلف الحياة بشكل كامل عما هي عليه في الوقت الراهن، وتوصلت في قراءاتي إلى أن أسباب زوال الهواتف الذكية الذكاء الاصطناعي، الذي تقوده مايكروسوفت وفيسبوك إيلون ماسك وأمازون وغيرها.
إن الهواتف الذكية لا تتعدى كونها تحديثا اعتياديا، ولم تأت بشيء ثوري على الإطلاق، قد تتساءلون: كيف ذلك؟ ببساطة فإن الهواتف الذكية تصغير لأجهزة اللابتوب، وسطح المكتب في الحواسيب، وكل الأدوات والوسائل من كاميرا وماوس وكيبورد وشاشة والتطبيقات متوافرة في الحواسيب، بالتالي فهو تصغير لها، وهذا ينطبق على غلاكسي S8.. لكن المميز فيه أنه أتى بنظارات واقع افتراضي Gear VR الجديدة، إلى جانب المساعد الرقمي الجديد بيكسبي، الذي تعد سامسونغ أنه سيمكّن المستخدمين مستقبلاً من التحكم بكل المميزات عبر الأوامر الصوتية.
فمايكروسوفت وفيسبوك وغوغل وأبل جميعها تقوم بصنع نظارات للواقع المعزز بإمكانها تجسيد الصور الثلاثية الأبعاد مباشرة بأعينك.. وترى مايكروسوفت أن الواقع المعزز مستقبلاً قد يستبدل الهواتف الذكية والتلفاز، وأي شيء يحتوي على شاشة، حيث إنه لن يكون هنالك داعٍ لكل هذه الأجهزة، فسيكون بإمكان إجراء المكالمات والتواصل النصّي ومشاهدة الأفلام ولعب الألعاب عبر الأعين..
إن تلك الشركات تعدُ بأنّ المستقبل سيجمع بين الواقع المادّي والرقمي وسيكونان نفس الشيء ولن يشعر بأي فارق.. وهنا تصبح الأمور جنونية، فكل التكنولوجيات التي ذكرناها قابلة للارتداء، حتى لو أنّها مجرد نظارات.. ليس من السهل التنبؤ بما سيحويه المستقبل، ولكن ربما بعد عدة عقود سنراها.. خاصة بعد إطلاق شركة نيورالينك بواسطة إيلون ماسك زرع كمبيوترات عبر شرائح ذكية بأدمغة البشر عبر ما يسمّى بـ«الرباط العصبي»، حيث يصبح الإنسان والآلة واحداً.
في الواقع؛ إن فكرة الذكاء الاصطناعي مخيفة، ولكن اندماج الآلة مع البشر هو جنون من مستوى جديد كلياً.. ولكن إيلون ماسك يرى أن تطوّر الذكاء الاصطناعي في المساعدين الرقميين والواقع الافتراضي سيفرض على البشر دمج أنفسهم بالكمبيوتر لمواكبة الآلات.
إن العلم يتقدّم يوماً بعد يوم، وأن تمهيد مستقبل الاندماج مع الآلات كان من الهواتف الذكية، التي يأتي بعدها الواقع المُعزّز، وبالنهاية تكون الخاتمة في الرباط العصبي بعقولنا، حيث تتدفق المعلومات الرقمية بأجسادنا.. وأصدقكم أن هذه الفكرة بحد ذاتها تفقدني الصواب، فليس من المنطقي والمعقول أن نصبح نصف بشر ونصف آلة.. ومن يخالف رؤيتي المتخوفة فلينرنا برأيه.