العنف في الرياضة الكويتية

تحتل ظاهرة العدوان والعنف في المنافسات الرياضية مكانة واضحة من اهتمامات الباحثين والمهتمين في علم النفس الرياضي. ويذكر الدكتور محمد حسن علاوي أن بعض المؤرخين في المجال الرياضي يشيرون إلى أنه منذ أن وجدت الرياضة كان العدوان والعنف ملازمين لها سواء في ألعاب الإغريق القدامى أو الرومان أو مبارزات القرون الوسطى أو الملاكمة بدون قفاز حتى الإجهاز على المنافس. وفي العصر الحديث تبذل الجهات المسئولة المحاولات الجادة لتهذيب الرياضة عبر تطوير القوانين واللوائح والنظم التي من شأنها الحد بقدر المستطاع من مظاهر العدوان والعنف. وينبغي علينا أن نفرق بين نوعين من العدوان والعنف في المجال الرياضي. فهناك عدوان وعنف يمارس داخل نطاق الملعب، وهناك عدوان وعنف يمارس خارج نطاق الملعب. وينبغي أيضا أن نفرق بين العدوان والعنف. فالعدوان هو سلوك يهدف إلى محاولة إصابة أو إحداث ضرر أو إيذاء لشخص آخر، أما العنف فهو الإستخدام غير القانوني للقوة بمختلف أنواعها في المجال الرياضي.

أصبح العنف في الرياضة الكويتية مؤخراً ظاهرة ملفتة للنظر يجب أن يلتفت إليها المختصين في مجالات علم النفس والإجتماع والتربية. حيث زادت معدلات العنف في المنافسات الرياضية المحلية سواء على مستوى الرجال أو مستوى الناشئين في أغلب الألعاب الجماعية وبعض الألعاب الفردية.

تشير الدراسات إلى أن هناك درجة من العنف مرتبطة بطبيعة النشاط الرياضي الممارس. فكلما زادة حدة المنافسة الرياضية أو النشاط الرياضي الممارس زادت درجة العنف. ولكن في نفس الوقت يجب أن لا تتعدى درجات العنف النطاق الطبيعي والمرتبط بطبيعة النشاط أو المنافسة سواء من حيث العدد أو النوع. فما يحدث حالياً في الرياضة الكويتية هو بالطبع خارج نطاق المعقول. فالرياضة الكويتية موقوفة والمستوى الفني ضعيف والمنافسة بين الفرق متدنية. وبالرغم من ذلك نشاهد تكرار حالات العنف بشكل يكاد يكون أسبوعي.

هناك العديد من العوامل التي يمكن أن يعزى إليها السلوك العدواني والعنف لدى اللاعبين. ولعل أهم تلك العوامل المثبتة علمياً هو السمات الشخصية للاعب. فعدم الاستقرار النفسي، وسرعة الاستثارة، وعدم الثقة بالنفس، والإفتقار للتسامح، وبعض الإضطرابات الشخصية، كلها عوامل تؤدي إلى عدم القدرة على ضبط النفس والثبات الإنفعالي عند ازدياد حدة المنافسة. ومن هنا تكمن أهمية دور المربي الرياضي الذي يتعامل مع اللاعب منذ الصغر حتى وصوله إلى مراحل متقدمة رياضياً. فغرس السمات الشخصية منذ الصغر لا يقل أهمية عن غرس وتنمية الجوانب المهارية والبدنية والخططية للاعب. فالمربي الرياضي (مدرب – معلم – إداري) عليه الدور الأكبر في تنمية السمات الشخصية للاعب. ومن الأسباب الأخرى الدافعة والمغذية لظاهرة العنف في الملاعب الكويتية الآتي:

  1. انتشار ظاهرة العنف في المجتمع بصفة عامة. حيث نجد العنف منتشر في المدارس وفي الأسواق.
  2. قلة الثقافة الرياضية. حيث أصبح اللاعب لا يتقبل الخسارة ويعتقد بأن الرياضة هي فوز دائم.
  3. الشحن والتراشق في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة.
  4. ضغط الإدرايين والمدربين على اللاعب.
  5. الشعور بالظلم التحكيمي.
  6. قلة الوسائل الأمنية داخل الملاعب.

وللحد من تلك الظاهرة السلبية المنتشرة في الوسط الرياضي الكويتي يجب تضافر جهود المؤسسات الرياضية الحكومية والأهلية والمؤسسات التربوية والإعلامية. ومن الوسائل والنصائح التي أوجدها المختصين في علم النفس الرياضي والتي من شأنها الحد من ظاهرة العنف الآتي:

  1. تعزيز السلوكيات المثالية عبر عرض نماذج للاعبين دوليين ونجوم معروف عنهم التزامهم بالسلوك الرياضي.
  2. تطبيق العقوبات بشكل فوري وحازم بشكل يتناسب مع حجم العنف والسلوك العدواني.
  3. تعزيز وتدعيم السلوكيات الجيدة التي تبدر من اللاعبين عبر تركيز الضوء عليها بالوسائل الإعلامية المختلفة وعبر تقديم الجوائز والتكريم لأصحاب السلوك المثالي.
  4. محاسبة ومعاقبة المشجع للعنف في المجال الرياضي، كالمدرب أو الإداري الذي يشجع ويحث اللاعب على العنف.
  5. حجب مثيرات السلوك الرياضي كالنصائح السلبية للاعب والتي يعتقد بعض المدربين والإداريين بأنها تساعد على حماس اللاعبين.
  6. الإكثار من الندوات والبرامج التوعية للمدربين والإداريين والحكام واللاعبين والتي من شأنها  تعزيز السلوكيات الرياضية المثالية.

الرياضيون هم فئة من فئات المجتمع، فالرياضي يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيه. ففي الوقت الذي تؤثر فيه الظواهر السلبية في المجتمع على الرياضيين، فإن السلوكيات غير السوية كالعنف الذي يمارس في الوسط الرياضي قد ينعكس على المجتمع الكويتي بشكل عام. فلذلك فالإلتفات إلى ظاهرة العنف في المجال الرياضي الكويتي ضرورة ويجب أن يتم بأسرع وقت ممكن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!