في لحظات بحثي المتنوع في كل المجالات، وقعت عيناي على دراسات حديثة تتحدث عن الشيخوخة، ولفت نظري أن هناك دراسات حديثة أظهرت أن العالم يتجه نحو الشيخوخة أكثر فأكثر، الأمر الذي يلقي أعباء مادية واقتصادية واجتماعية على المجتمعات والدول، التي ستعاني أكثر من غيرها من الشيخوخة. وأن تلك الشيخوخة ستصيب المجتمع العجوز؛ أي: أوروبا.. وأنها ستصل لأعلى نسبة حتى عام 2050، وسيدخل سباق الشيخوخة الدول ذات الدخل المنخفض، هذا من جهة الكائن الحي فله عمر افتراضي. لكن في الحقيقة راودني سؤال خرج بالمضمون عن هذا الموضوع، وقد يكون المصطلح هو العامل المشترك، وهو كيف ستكون الحال مع المعلومات في عالم المعرفة؟ هل ستصيبها الشيخوخة؟
قد يستغرب البعض هذا المصطلح «شيخوخة المعلومات». ولمَ لا، فلو نظرنا إلى الماضي كان دور العلم في تطوير الحياة أقل شأناً، وكانت المعلومات المتوافرة تنزع إلى أن تكون نظرية، ولذا فقد كان يرجى من العلم تهذيب النفس وترقية العقل وإمتاع الروح، أما اليوم فمن الصعب على أي أمة أن تصبح في طليعة الأمم من غير اعتماد الأساليب العلمية في كل جوانب الحياة. فالقاعدة التي تطبق على الجميع في وقتنا الحالي «من يعرف أكثر يملك أكثر ويتحكم أكثر ويتطور أكثر».
وبناء على ذلك أصبحنا اليوم في حاجة إلى أن نعرف أكثر وأكثر، ونسرع في فهم الجديد من المعارف بسبب تقادم المعلومات على نحو لم يسبق له مثيل في السرعة. وصارت الشيخوخة تصيب المعلومات والمعارف، وهي ما زالت في طفولتها بسبب الأعداد الهائلة من العقول التي تشتغل في البحث والتطوير؛ وعلى سبيل التقدير، فإن أكثر من %90 من المعلومات المتداولة اليوم قد تم تحديثها خلال العقود الثلاثة الماضية. والكتاب في السنة، والمجلة في الشهر، والجريدة في اليوم، فقدت من قيمتها بما يقدر %10.
ولكن؛ بالرغم من وجود شيخوخة المعلومات وفقدها للصلاحية، فإنها ليست شيئاً عاماً، وليست على اختلاف مستوياتها يحدث لها ذلك، فالمعلومات الأساسية والأفكار الجذرية تصمد في وجه العواصف العلمية، لكنها توظّف توظيفاً جديداً، وتقرأ وتُفسّر من جديد، وتتعرض لما هو أخطر من ذلك، وهو انصراف الاهتمام عنها إلى المعارف العلمية الحديثة.
ويبقى الباب مفتوحاً لكل من يرى أن المعلومات قد تشيخ، مع التعرض إلى أسباب تلك الرؤية من وجهة نظر علمية متفحصة. فوجهة نظري قد عرضتها عليكم، يبقى أن نتداول آراءكم يا سادة يا كرام.