يعتبر التعليم أهم ركائز بناء الأمة فقدر الأمة يرتفع بارتفاع مستوى تعليم أبنائها فلا تطور ولا تقدم ولا ازدهار في أمة جاهله غير متعلمة. هناك العديد من الأبحاث والدراسات التي أكدت على أهمية التعليم وأثبتت بأن هناك علاقة طردية بين الازدهار والتطور وبين التعليم، فالتعليم يخلق جيل مفكر واعي قادر على بذل الجهد والعطاء لبناء بلده وازدهارها وتقدمها في شتى المجالات وانعكاس ذلك التقدم على حياة الفرد لينعم في حياة كريمة سعيدة.
ونظرا لأهمية التعليم سوف أتطرق في هذا المقال إلى واقع التعليم في دولة الكويت والطموح الذي نأمل بالوصول اليه في يوما ما. إن دولة الكويت تولي اهتماما كبيرا في التعليم حيث أن ميزانية التعليم فيها تعتبر من أكبر الميزانيات مقارنتا مع مجموعة كبيرة من دول العالم، كما أنها تهتم بتوفير المباني المدرسية والهيئة التدريسية والمناهج الدراسية والوسائل التعليمية المتنوعة كما أنها تهتم في توفير كليات إعداد المعلم التي تعتبر من أكبر الكليات الجامعية في دولة الكويت من حيث أعداد الطلبة المسجلين فيها كذلك بدأت بإنشاء جامعة جديدة والتي تعتبر أكبر صرح جماعي على مستوى الخليج والوطن العربي. ومن حرص دولة الكويت على تعليم أبنائها في أنها جعلت التعليم الزامي حرصا منها على توفير التعليم للجميع وذلك للقضاء على الأمية في التعليم حيث نصت المادة (40) من الدستور على أن “التعليم حق للكويتيين، تكفله الدولة وفقا للقانون وفي حدود النظام العام والآداب، والتعليم إلزامي مجاني في مراحله الأولى وفقا للقانون. ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية. وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي “.
وعلى الرغم من كل ما ذكرناه من اهتمام في التعليم في دولة الكويت إلا أن نتائج الواقع دون الطموح. فنجد أن الدراسات الحديثة أثبتت تدني مخرجات التعليم ، وكذلك عزوف الطلبة عن الالتحاق في التخصصات العلمية على الرغم من حاجة سوق العمل لها، كما أظهرت النتائج العالمية لإختبار TIMMS بحصول طلبة الكويت على المراكز الأخيرة وهذا يدل على تدني مستوى طلبتنا في العلوم والرياضيات. وكذلك أكدت العديد من الدراسات ضعف مستوى الطلبة في القراءة والكتابة في اللغتين العربية والإنجليزية على الرغم من أن اللغة العربية هي اللغة الأم للطلبة في الكويت وكذلك اللغة الإنجليزية فإنها تدرس من الصف الأول ولكن مازال هناك ضعف في هذه المواد الأساسية. وهذا كله يثبت ضعف نتائج التعليم وعدم تحقيق الأهداف المرجوة من التعليم.
والتساؤل هنا أين الخلل؟ ولماذا هذا التدني في مستوى التعليم على الرغم من الاهتمام الحكومي بالتعليم؟
سأحاول في هذا المقال تلخيص أسباب المشكلة ووضع تصور مقترح للمساهمة في إصلاح التعليم. حيث أن المشكلة لدينا ليست في الجانب المادي وذلك لتوفر الميزانية ولله الحمد ولكن قد تكون المشكلة في عدم توجيه هذه الميزانية لصرفها في جوانب تساهم في تطور التعليم لدينا مثل توفير الدورات التدريبية اللازمة لتطوير أداء المعلمين ليواكبوا أحدث التطورات العالمية في مجال التدريس ولينعكس هذا إيجابيا على الطلبة، كما يمكن توجيه المبالغ المالية لتجهيز الفصول الدراسية بأحدث الوسائل التعليمية الحديثة التي تساهم في تطور التعليم داخل المدارس وهذا كله سوف يساهم في تطوير التعليم في الكويت.
ولكي يتم تحقيق التقدم والتطور في التعليم يجب أن يتم صياغة خطة إصلاح واضحة ومحددة طويلة المدى بحيث تبدأ من السنوات الأولى من الدراسة وتنتهي في نهاية سنوات الدراسة. بحيث تبنى هذه الخطة على أسس علمية واضحة وتحدد أهداف محددة لكل سنة وبذل كل الجهود لتحقيقها بحيث تكون خطة إصلاح تشمل جميع الجوانب مثل المعلم، المناهج، طرق التدريس، الوسائل التعليمية، المباني المدرسية والنظام التعليمي بشكل عام وغيرها من جميع الأمور التي تتعلق بالتعليم. إن وجود خطة إصلاح واضحة ومحددة سوف يسهل في عملية الإصلاح ويسرع وتيرتها ويحقق أهداف إصلاح التعليم.
وأختم هذا المقال بتشبيه لكي أوضح أكثر حال الوضع التعليمي لدينا ومحاولات الإصلاح التي تتم، فأنا شبهت التعليم في بناية معمارية قديمة جدا ويوجد مشاكل في أساسات هذه البناية ولكن المالك قرر ترميم وتجديد واجهة البناية لتبدو بمنظر جميل للناس وترك الأساسات القديمة دون إصلاح، وهذا الحل لم يعالج المشكلة الأساسية ومع الوقت ستنهار البناية. وهذا هو واقع التعليم لدينا وهو نظام تعليمي جامد قديم يحتاج إلى إصلاح جذري تبدأ من التعليم الأساسي وإصلاح شامل للنظام التعليمي في جميع الجوانب حتى لا نصل إلى مرحلة الانهيار.
الدكتور: أحمد الشلال
عضو هيئة تدريس في كلية التربية الأساسية
Dr.Ahmad-shallal@hotmail.com
1