عند زيارتي كثيراً من المدارس لإلقاء محاضرات.. تيقنت بأن الأصوات تتعالى تذمراً من منهج الكفايات الجديد.. ذهبت لتقصي أسباب هذا التذمر.. والكثير من الانتقادات، سواء من المعلمين أو الإدارة.. وعدم قدرة المعلمين على التعاطي والإنجاز في المناهج.. أما الطلبة، فلا نجد نتائج مرضية.. ترى، لماذا؟
هناك العديد من الأمور التي إذا ما توافرت وتم التخطيط لها بشكل جيد وتم التعامل معها منذ اعتماد هذا المنهج في التدريس، فإنه سيكون منهجاً ذا مخرجات مرضية.. فلو نظرنا إلى المنهج، فسنجده منهجاً موصى به من البنك الدولي.. وبرأيي، فإن البنك الدولي غير معني بتعليمنا وبيئتنا من أجل الوصاية.. فهل تم تقنين المنهج ليتلاءم مع البيئة الكويتية؟.. إن هذه المرحلة الأولى التي تدخل من أولويات التخطيط في المنهج.. والأهم.. ومن الملاحظ أن المنهج لم يتم تقنينه.. فلو كان كذلك، لاستوعبه المعلمون ومن دربوهم عليه..
المرحلة الثانية هي التجربة: هل تم تطبيقه كتجربة على مدارس عامة وخاصة محددة؟.. بحسب علمي، لم تتم التجربة.. بل قاموا بتعميم المنهج وتطبيقه في التعليم بشكل مباشر.. والتدريب عليه بطريقة اعتقد بأنها غير متمكنة، وربما لم يخرج المعلم منها بأي فائدة تذكر.. وأظن أن الكثيرين بقوا يجهلون الفكرة الرئيسية من منهج الكفاية وطريقة تدريسه والوسائل التي سيستخدمونها من أجل تنفيذه ميدانياً..
المرحلة التالية.. هل راعى المنهج الفروق الفردية بين الطلبة؟.. لم يراع المنهج الفروق.. فكيف سيتقن الطلبة الأقل فهم دروسهم كبقية أقرانهم.. فالطلبة متفاوتون في المستوى، ولا يلائم الوقت والأسلوب وطريقة التقييم الجديدة كل الطلبة.. بالتالي، لن يتحقق الهدف إذا أغفل واضعو المنهج هذه النقطة المهمة..
ولا ننس أن منهج الكفايات يقوم على مهارات التفكير العليا.. فهل حقاً وصل الطالب إلى مستوى التمكين من الكفايات من المعرفة والمهارات ضمن مهارات التفكير العليا.. وهل استطاع المعلم أن يوفر الأنشطة والواجبات ضمن الكفايات المطلوبة.. بالإضافة إلى توفير طرق التدريس والأساليب التعليمية التي تلائم الطلبة.. وتوفير مساحة الحرية للطالب لإنجاز المطلوب منه أثناء التعليم والتعلم؟
أما عملية التقييم، فهناك فارق كبير بين عملية التقييم ووضع الاختبارات التقليدية القائمة على مهارات التفكير الدنيا.. من الاختبارات القائمة على مهارات التفكير العليا.. ومن ضمن الواقع، فإن الاختبارات ما زالت تقليدية ولا تقيس الكفايات الجديدة..
هناك سوء تخطيط في تهيئة منهج الكفايات لإدخاله في العملية التعليمية التعلمية.. فالكفايات تحتاج إلى التخطيط.. وفلسفة وأهداف المناهج التربوية.. والتنفيذ.. وإدارة الصف.. ومهارات الجانب العلمي والنمو المهني.. ومهارات التقويم.. وفي ضوء التخطيط السليم، فإنه يصبح المعلم مؤهلاً لتطبيق منهج الكفايات.. وفي الواقع، نحن في الكويت نستطيع صنع مناهج تضاهي أرقى الجامعات العالمية من دون الحاجة إلى مناهجهم التي قد لا تتناسب مع بيئتنا.. وحتى لا تحدث تلك السقطات الحاصلة في منهاج الكفايات.. ولنتبوأ مكانة تعليمية بين الدول.